تعد معركتا جوندت وجورا من الأحداث المهمة في تاريخ إثيوبيا خلال فترة الصراع ضد الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر، هاتان المعركتان تلخصان المقاومة الإثيوبية البطولية ضد التدخل الأجنبي وتحديدًا ضد الإيطاليين، الذين حاولوا السيطرة على أراضيها، ولذلك سنتناول تفاصيل معركتيّ جوندت وجورا وأهميتهما في التاريخ الإثيوبي.
معركتا (جوندت وجورا) في إثيوبيا
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت إثيوبيا تواجه تهديدات استعمارية متزايدة من القوى الأوروبية، استهدفت إيطاليا بشكل خاص إثيوبيا بعد أن سيطرت على أجزاء من الصومال وإريتريا.
وكانت تسعى لتوسيع نفوذها عبر احتلال المزيد من الأراضي الإثيوبية ومع ذلك، كانت إثيوبيا تحت قيادة الإمبراطور مينليك الثاني، الذي كان مصممًا على حماية استقلال بلاده.
وقعت معركة جوندت في عام 1875 بين القوات الإثيوبية والقوات المصرية المدعومة من البريطانيين في تلك الفترة، كانت مصر تحت حكم الخديوي إسماعيل تحاول توسعة أراضيها في المنطقة فواجهت القوات الإثيوبية في معركة جوندت.
وعلى الرغم من تجهيزات القوات المصرية القوية، إلا أن الجيش الإثيوبي بقيادة الملك يوهانس الرابع تمكن من تحقيق نصر كبير وكان هذا الانتصار محوريًا في تثبيت إثيوبيا كقوة مقاومة للاستعمار ومنع مصر من تحقيق المزيد من التوسع في أراضيها.
بعد معركة جوندت وقعت معركة جورا في عام 1876 بين القوات الإثيوبية والمصرية مرة أخرى، كانت مصر تسعى لاستعادة ما فقدته في المعركة السابقة وتوسيع نفوذها في إثيوبيا.
إلا أن القوات الإثيوبية بقيادة الملك يوهانس الرابع تمكنت من صد القوات المصرية مرة أخرى وتحقيق نصر آخر، أثبتت هذه المعركة مجددًا أن إثيوبيا كانت قادرة على الدفاع عن أراضيها بقوة وإصرار.
انتصار إثيوبيا في معركتي جوندت وجورا كان له أثر كبير في تعزيز موقعها كدولة مستقلة ذات سيادة في مواجهة القوى الاستعمارية، منعت هذه الانتصارات محاولات مصر والبريطانيين للتوسع في أراضي إثيوبيا، وأصبحت هذه المعارك رمزًا لمقاومة الشعوب الإفريقية ضد الاستعمار الأوروبي.
تعتبر معركتا جوندت وجورا من أبرز الأحداث التي شكلت التاريخ الإثيوبي الحديث، فبفضل تلك الانتصارات، تمكنت إثيوبيا من الحفاظ على استقلالها لفترة أطول مقارنة بالدول الإفريقية الأخرى التي خضعت للاستعمار، كما أن هذه المعارك أظهرت أن القوى المحلية قادرة على تحدي القوى الاستعمارية الأوروبية في ذلك الوقت.
تبقى معركتا جوندت وجورا من المحطات المهمة في تاريخ إثيوبيا، حيث ساهمتا في تأكيد استقلال البلاد في وجه التدخلات الأجنبية، تعتبر هذه المعارك رمزًا للصمود والمقاومة في التاريخ الإفريقي، وتبقى درسًا في الإرادة والإصرار للحفاظ على السيادة الوطنية.
هاتان المعركتان كانتا جزءًا من محاولات الخديوي إسماعيل لتوسيع نفوذ مصر في شرق أفريقيا والسيطرة على منابع النيل، ولكنها انتهت بفشل ذريع وخسائر كبيرة للجيش المصري.
العلاقات بين مصر وإثيوبيا حاليًا متوترة بشكل كبير، خاصة بسبب قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، هذا السد يعتبر مشروعًا حيويًا لإثيوبيا لتوليد الكهرباء، ولكنه يمثل تهديدًا وجوديًا لمصر التي تعتمد بشكل كبير على مياه نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية.
اطلع على: ما هي عاصمة اثيوبيا